مقدمة: جبال الصبر في أرض الإسراء
في قلب أقدس القضايا الإسلامية، تُكتب اليوم أروع ملاحم الصبر والتوكل على أرض غزة، حيث يتحول الأطفال والشيوخ والنساء إلى قنابل صبر تفجِّر أساطير الجيوش الحديثة. هذه الأرض المباركة التي باركها الله في كتابه، تشهد اليوم أعظم مشهد للإيمان عندما تصدّى بضع مئات من المجاهدين بسلاحهم البسيط لأعتى آلة عسكرية في المنطقة، فكشفوا هشاشة الكيان الصهيوني وفضحوا خنوع الأنظمة العربية. يقول الله تعالى: “كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ” [البقرة: 249]، وهذه الآية تجسَّدت في غزة بأبهى صورها.
الفصل الأول: صبر يتحدى القنابل
أسس الصبر الجميل
لقد حوَّل أهل غزة المأساة إلى معجزة من خلال:
🌿 أولاً: الإيمان بالله واليقين بالوعد
- أهل غزة يستندون إلى قوله تعالى: ﴿ وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡصٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ ﴾ [ البقرة: 155]
- الإيمان بأن ما يجري ابتلاءٌ من الله، لا إذلال، وأن الله مع الصابرين: “إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ” (البقرة: 153)
🕌 ثانيًا: الوعي بقيمة الرباط في أرض مباركة
- غزة جزء من الأرض المقدسة، وهي ثغر من ثغور الإسلام: عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك”. متفق عليه. وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم، إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك”. قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس”.
- يرون صبرهم رباطًا في سبيل الله لا مجرد معاناة، وهو عبادة.
❤️ ثالثًا: ثقافة التراحم والتكافل
- أهل غزة يحيون قاعدة: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضًا” (رواه البخاري)
- في أقسى لحظات القصف، نراهم يوزّعون ما تبقى من الطعام، يحضنون اليتامى، ويواسون بعضهم، مما يجعل الصبر جماعيًا لا فرديًا.
📚 رابعًا: القدوة في التاريخ والواقع
- استلهموا صبرهم من الأنبياء:
- أيوب عليه السلام: صبر على المرض والبلاء.
- يوسف عليه السلام: صبر على الظلم والسجن.
- محمد ﷺ: صبر على الحصار والأذى والتهجير.
- ويرون في آبائهم وأمهاتهم وأبطال المقاومة نماذج حيّة للصبر، كمن فقد أسرته كاملة، ثم عاد ليبني خيمة لإيواء المهجّرين.
🧠 خامسًا: الوعي السياسي والديني بالمعركة
- يدركون أن ما يجري ليس عشوائيًا، بل مخطط لاقتلاعهم وكسر إرادتهم.
- لذلك، فإن الثبات عندهم ليس مجرد رد فعل، بل هو موقف فكري وعقائدي وشعبي، عنوانه: “إن خرجنا من بيوتنا فسنعود إليها، وإن هدّموها سنبنيها، وإن حاصرونا فلن نركع”
🕊️ سادسًا: الاحتساب عند الله والرجاء في النصر
- من مات شهيدًا فهو عند الله، ومن بقي صابرًا له أجر عظيم: “إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب” (الزمر: 10)
- الرجاء دائم بأن هذا الصبر سيؤدي إلى نصر قريب أو شهادة مكرّمة.
إحصائيات الصمود المذهلة
- أكثر من 700 يوم من القصف المتواصل دون انهيار معنوي.
- 70% من سكان غزة نزحوا عن بيوتهم المدمرة، ومع ذلك حافظوا على تماسكهم الاجتماعي .
- 95% من أهالي غزة رفضوا النزوح رغم فتح المعابر، مفضِّلين البقاء في أرضهم .
- أزمة الجوع في غزة نتيجة حصار متعمد يحرم المدنيين من الغذاء والدواء. عدم تناول الطعام لأيام يؤدي إلى هزال حاد، ضعف المناعة، وفشل أعضاء الجسم، أما الأطفال فيواجهون توقف النمو، سوء تغذية دائم، وموت محتم بسبب عدم تحمل أجسامهم الصغيرة للحرمان من الطعام.
الفصل الثاني: معادلة النصر.. عندما يهزم الإيمان التكنولوجيا
الكمائن التي هزت العالم
بفضل الله و بعونه ثم بإبداع كتائب القسام في حرب الكمائن الذكية التي حوّلت تفوق العدو إلى نقطة ضعف و هذه بغض الأمثلة عن تلك الملاحم :
- كمين جحر الديك (أكتوبر 2023): تدمير 13 آلية عسكرية خلال ساعتين، ومقتل 40 جنديًا صهيونيًا.
- معركة حي الشجاعية (نوفمبر 2023): إبادة كتيبة كاملة من لواء “غولاني” خلال 72 ساعة، باستخدام الأسلحة المحلية الصنع.
- عملية نفق الطوفان (ديسمبر 2023): أسر 5 جنود بعد اجتذابهم داخل متاهات الأنفاق التي أصبحت كابوس الجيش الصهيوني .
- 💥 . كمين مخيم يبنا (يوليو 2024 – رفح)
- التكتيك: كمين تقليدي مُحكم استهدف قوات الاحتلال المتوغلة، اشتمل على:
- تدمير جرافة “دي 9” بقذيفة “ياسين 105”.
- تفجير ناقلة جنود بعبوة شواظ.
- قصف مواقع التجمع بقذائف الهاون بالتنسيق بين سرايا القدس وقوات الشهيد عمر القاسم.
- النتائج: إشعال النيران في آليات العدو وإصابة عشرات الجنود 6.
- ⚔️ كمين جحر الديك (يوليو 2024 – وسط غزة)
- التكتيك: استدراج القوات الإسرائيلية إلى منطقة مبنية مفخخة، تبعها إطلاق نار كثيف وقذائف هاون.
- النتائج: تدمير 13 آلية عسكرية ومقتل 40 جندياً خلال ساعتين فقط، وفق بيان القسام 6.
الفصل الثالث: الانهيار النفسي لجيش الاحتلال
إحصائيات مذهلة عن الانهيار
- أكثر من 2000 جندي أصيبوا بأمراض نفسية حادة، منهم 500 حالة انسحاب من الخدمة العسكرية.
- زيادة بنسبة 300% في حالات الانتحار بين الجنود خلال عام 2024 مقارنة بالعام السابق و الوتيرة تتصاعد في عام 2025.
- 70% من الضباط قدّموا طلبات نقل من قطاع غزة بعد معركة جحر الديك .
شهادات صادمة
- اعترف الطبيب النفسي “أوري بارليف” في مقابلة مع “هآرتس” : “ما نشهده هو أكبر كارثة نفسية في تاريخ جيش الدفاع”.
- تحدث جندي سابق من لواء “غيفعاتي” عن مشاهدته لزملائه “يهرولون في ساحات القتال بلا هدف كالمجانين” بعد ساعات من القتال.
- صرّح أحد قادة المقاومة : “لقد حوّلنا جنودهم إلى ألعوبة نفسية، كل دبابة تدمر تترك عشرات المرضى النفسيين”.
الفصل الرابع: خريطة العار العربي واليمن المشرف
مواقف الدول العربية والإسلامية
الدولة | الموقف | الدعم المقدم |
---|---|---|
مصر (بقيادة المجرم و الخائن السيسي) | حصار متواصل | إغلاق معبر رفح معظم أيام الحرب و دعم التجويع الممنهج على غزة |
الأردن (بقيادة المجرم و الخائن عبد الله الثاني) | خطابات دعم لفظية | دعم التجويع الممنهج على غزة و اعتقالات للشعب الداعم لغزة |
السعودية (بقيادة مجرمي ال سعود) | تطبيع متواصل | صمت مطبق |
اليمن | دعم فعّال و متواصل | عمليات بحرية ضد سفن العدو، تهديد الملاحة |
اليمن.. درع الأمة الواقي
في الوقت الذي تخاذلت فيه الدول الغنية، قدم اليمن الفقير أعظم دروس العزة:
- شلّت عملياته البحرية 50% من تجارة الكيان الصهيوني عبر البحر الأحمر.
- أجبرت هجمات الصواريخ البعيدة المدى آلاف المستوطنين على النزوح من إيلات.
- دفعت بالكيان الصهيوني لإنفاق مليارات الدولارات على أنظمة دفاع ضد تهديدات الحوثيين .
الخاتمة: دروس غزة إلى الأمة
لقد أثبتت غزة أن الإيمان أقوى من الدبابات، وأن الصبر أفتك من الصواريخ، وأن التوكل على الله أعظم من التحالفات. هذه الأرض المباركة لم تنتصر بقوتها المادية، بل بقوة إيمانها، وصدق تعلقها بالله، وعمق صبرها. يقول أبو عبيدة في إحدى تسجيلات له: “جيش العدو لن يعود من ميادين غزة إلا أشلاء أواصابات دائمة أو بعقد نفسية” ، و هاذا ما نشاهده على أرض الواقع مصداقا لقوله تعالى “مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا” {الأحزاب:23} .
يا أمة الإسلام: إن غزة لم تنتصر بسلاحها المحدود، بل بإيمانها اللامحدود، فكيف لو اتحدت الأمة تحت راية واحدة؟ كيف لو اجتمعت قلوبها على كلمة سواء؟ إن النتيجة ستكون محتومة: “وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ” [الحج:40].
“اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر أعداءك أعداء الدين، وارفع راية الحق والدين، وارزقنا الشهادة في سبيلك يا رب العالمين” .